الدبور أكثر من نصف الحقيقة.. وأقل مما نطمح

logo
تاريخ النشر: 2014-07-17  الساعة: 19:25:47
المشكلة في ذاك الداعشي الصغير القابع في اعماقنا

منذ نصف قرن بالتمام والكمال كنا طلابا في جامعة دمشق,وكان لنا شلة فيها  البعثي و الشيوعي والاخونجي والناصري واللامنتمي

وذات مرة أخرج صديقنا الشيوعي ورقة مطبوعة من جيبه وطلب منا ان نستمع والورقة كانت عبارة عن منشورلحزب اسلامي  يطالب بعودة الخلافة الاسلامية مؤكدا على ان ذلك هو طريق الخلاص الوحيد ليس للعرب والاسلام بل للعالم باسرة

والحق انها كانت المرة الاولى التي اسمع فيها بهذا الحزب,لكن ما اذهلني في الموضوع  وقتها مسألة الدعوة لعودة الخلافة الاسلامية,  وأن هناك من يعتقد وبعد مايقارب الاربعة عشر قرنا  من الزمن بذلك

صديقنا الاخونجي اوضح لنا بأن الاسلام هو الحل وليس الخلافه أما موضوع الخلافه فلم يرد فيه نص لافي القران الكريم ولابالسنة النبوية الشريفة وهو مجرد اجتهاد

صديقنا الشيوعي أجاب ان هذه كلها دعوات خارجية استعمارية امبريالية مشبوهة وعمالة لامريكاوالغرب

رد عليه صديقنا الاخونجي قائلا وماذا تسمي تبعيتكم للحزب الشيوعي الروسي ولموسكو.

وكاد ان يتطور النقاش بينهما فتدخلت بالحديث وقلت  : أنا لااوافق ولااستطيع ان اوافق ان تقوم الدول على اسس دينيه (وهذا طبعا لاينفي عني صفة الانسان المسلم الملتزم) لاننا لواعتقدنا بذلك لكان لليهود الحق باقامة دولتهم اليهودية وكذلك الحال مع كافة الديانات الاخرى سماوية كانت ام ارضية ,وفي حال كهذا نكون قد حولنا العالم الى دول دينية متناحرة  لاتتوقف فيها الحروب الدينية التي لاتبقي ولاتذر وتعتبرالحروب الصليبة التي شهدتها بلادنا مزحة صغيرة امامها

 واضفت أن الدين لله وحده اما الوطن فهو لجميع عباد الله وليس المسلمون وحدهم هم عباد الله فكل من على الارض من بشر هم عبادالله ملحدين وبوذيين ومرورا بكل البشر من اصحاب الديانات السماوية والارضيه

والله سبحانه وتعالى لم يخلق المسلمين فقط بل خلق الناس اجمعين ,والخلق كلهم عيال الله واحبهم اليه انفعهم لعياله كما ورد في الاثر عن النبي الكريم

ومن جهة اخرى فالدين الاسلامي يدعو الى التسامح والتعايش مع الاديان الاخرى ومع كافة الملل والنحل المتواجدة على سطح الارض ومن يقول او يدعو لغير ذلك فهو ليس متدينا بل متعصبا تعصبا اعمى وداعيا لاثارة الفتن التي هي اشد من القتل كما ورد في القران الكريم

اما مسألة الخلافه فهي اجتهاد كما قال اخانا الشيخ وانا برايي انه اجتهاد باطل وفاسد لاننا ادرى بشؤون دنيانا كما قال نبينا الكريم وقد اثبتت تجارب الالف عام الماضية من عمر البشرية ان هذا الشكل من نظم الحكم سقط كليا ونهائيا بسقوط الخلافة العثمانيه .

------------------------

الان وبعد مايزيد عن الالف واربعمائة سنة على الخلافة الاسلامية الراشده ,أعلن عن قيام خلافة  اسلامية كاريكاتورية وعلى جزء عزيز من ارضنا السورية وان هناك خليفة مجهول النسب وربما هبط علينا من كوكب اخر يدعو الى السمع والطاعة ومبايعته والا سوف يقطع الرؤوس ويضرب الاعناق.

هناك من يقول بان داعش هذه(الدولة الاسلامية) هي صناعة غربية واستعمارية ونقول بأن ذلك صحيح

وهناك من يقول بأن داعش هذه جزء من الارهاب التكفيري العالمي ونقول بان ذلك صحيح

وانها وليدة اموال البترو دولار ونقول صحيح.

وانها المخزون الاحتياطي التي تمت صناعته في اقبية المخابرات العالمية والعربية ونقول بان ذلك صحيح ايضا

وهناك من يقول بان داعش هذه وليدة الظلم والقهر والاستبداد والطغيان ونقول بان هذا صحيح

وانها نتيجة لخطابنا الديني المنفعل المتوتر خلال المئة عام الماضية ونقول بان ذلك صحيح

وانها نتيجة لاولئك الذين تواجدوا في المجتمعات الغربية ولم يستطيعوا هضم تلك الحضارة فلفظتهم فكانوا داعش وامثال داعش وهذا صحيح

وانها  أي داعش نتيجة لاولئك الذين استهوتهم غنائم الجنس في الدنيا وحورياتها في الاخره ونقول ان ذلك صحيح ايضا

كل هذا وغيره من الاسباب المباشرة لولادة هذا الكائن الداعشي الهجين فهوصحيح وفيه جزء من الحقيقه

لكن المشكلة الاساس هي فينا وليس في داعش (الدولة الاسلامية) التي ستنتهي هي وامثالها عاجلا ام اجلا

المشكلة هي في ذاك الداعش الصغير القابع في اعماقنا

فمعظمنا كاذبون منافقون مرائون متخاذلون خنوعون قّوالون ومذنبون

 ومعظمنا معبوده الدرهم والدينار,الجنس ينخر عظامنا سرا وعلانية ونفعل في السر مالم نجرؤ على فعله بالعلن ونأمر الناس بالبر وننسى ونتناسى انفسنا

لانخاف الا ممن يقرعنا بالعصا,الشر كامن فينا والفتن كامنة فينا ولاتظهر روائحنا الا حين يرفع عنا الغطاء

غالبا مايكون الشريف عندنا شريفا لانه جبان ولايجرؤ على ارتكاب المعاصي,اما تقيّنا ونقيّنا وطاهرنا وورعنا فعاد الى خويصية نفسه وترك عنه أمر العامة

معظم الناجحين عندنا اما شّطارا او فلهويون اوزئبقيون او متلوونون ,

نؤدي العبادات الخمس كعادة وليس عبادة ونحن أبعد مانكون عن قيم واخلاق المسلم الحق والتي تصلح لكل زمان ومكان,لذا وجدناها هذه الاخلاق هنا في الشمال الامريكي حيث الصفة الغالبة هي الصدق والامانة والاستقامة والشهامة واحترام القوانين والانظمة في السر والعلن

 ولان هناك هوة بين سلوكنا ومعتقداتنا لذا نحلل ونحرم حسب ماتقتضيه مصالحنا وعواطفنا ورغباتنا

معظم اغنيائنا عاشوا وتعايشوا في مجالس وموائد السلطة ومعظم فقرائنا يطمحون ان يكونوا عسسا ومخبرين.

 

معظم تربيتنا وثقافتنا قامت على تدبير الراس وحلال ع الشاطروفخار يكسر بعضو, وقّبل يده وادعو عليها بالكسر,واللهم اضرب الظالمين بالظالمين واخرجنا من بينهم سالمين,وامش من الحيط الى الحيط وادعو ربك بالستر

 

معظمنا يكره العمل الجاد الدؤوب ولا يقوى عليه ومعظمنا يود ان يصل بالطرق الملتوية  والاستثنائية

مازال بعض خطابنا الديني انتهازيا وان لم يكن كذلك فهو يدعو الى ابادة كل ماهو غير مسلم

-----------------------------------

داعش الدولة الاسلامية ستزول,ولكن حتى لانزول  نحن ,علينا ان نقضي على داعش الصغير النائم فينا ودون ذلك طريق شاق وطويل طويل

 

 

عدد التعليقات : 0 عدد القراءات : 1885

هل ترغب في التعليق على الموضوع ؟
الاسم الكامل : *
البريد الالكتروني :
عنوان التعليق : *
التعليق : *

اكتب الرقم : *
 

 

لسعات منوعة

نضعها أمانة في أعناقكم وليس شكوى
هل من المعقول مكتب دفن الموتى بلا سيارات!!
اقرأ المزيد
الباعة الجوالين يفرضون تسعيرة جديدة أمام أفران دمشق ولافرق بين مدعوم وغير مدعوم
جيوبهم تتآكل وكل مافي جعبتهم بضع قروش لا تسد رمق أبنائهم الغلاء يصل لأقصى حدوده
اقرأ المزيد
في شكوى وردت لجريدة الدبور
#برسم المعنيين #برسم مدير معمل الغاز سادكوب
اقرأ المزيد
لماذا؟
براد بردى أغلى بـ 44% من براد حديث بثلاثة أبواب لدى شركة صينية شهيرة انتقد رجل الأعمال المقيم في الصين فيصل العطري، البرادات الجديدة التي طرحتها “شركة بردى” الحكومية،
اقرأ المزيد