دبوريات

انتهى وقت المزاجية والفردية والتنظير ولابد من سياسات اقتصادية ونقدية حاسمة

انتهى وقت المزاجية والفردية والتنظير ولابد من سياسات اقتصادية ونقدية حاسمة










بعض الوزراء إن لم نقل معظمهم أول مايفكرون به عند استلام مناصبهم هو تغيير أثاث مكاتبهم وديكوره وغالبا ما ترتبط هذه الخطوة بخطوة لاحقة وهي تغيير طاقم مكتب الوزير أو مكاتبه واستبدالهم بأشخاص ربما أكثر ولاءً وقرباً من السيد الوزير ولو اقتصر الأمر على ذلك لكان الضرر محدوداً ومحصوراً  بهم وبمكاتبهم ( علماً أن بعض  الوزراء قضوا على سمعتهم وأساءوا كثيراً لأنفسهم باختيارهم الخاطئ لآشخاص اعتمدوا عليهم وجابوا أجلهم ) لكن المشكلة الأهم والطامة الكبرى هي حين يعتقد السيد الوزير الجديد أن اولى مهامة أن ينسف نسفا كل ما عمله الوزير السابق أو باضعف الايمان أن يجمد  الوزير الجديد كل سياسات ومشاريع من سبقة الى الوزارة,وقد أقسم لي أحد الوزراء السابقين أن خلفه بقي ما يقارب السنة والنصف ولاعمل له سوى أن يحصر كل ماقام به سلفه ويوثقه  ويثبت عبر لجان ألفها لهذا الغرض أن لا علاقة له لا من قريب ولا من بعيد بعمل سلفه لاعتقاده اأه بذلك ينفي عن نفسه اية مسؤولية عن أعمال قام بها الوزير السابق.

 والأنكى من ذلك أن الوزير الجديد يحاول  جاهداً أن لايبقي أي آثر لمشاريع وأعمال قام بها الوزير السابق. وصرف عليها عشرات الملايين من الدولارات وتم قبرها ونسفها  ربما فقط بسبب مزاجية الوزير الجديد أو لاعتقاده بعدم جدواها

في المجتمعات  المتحضرة لا مجال لمزاجيات كهذه بل على العكس تتراكم الخبرات وتضاف خبرة السلف للخلف والأهم من ذلك أن هناك سياسات موضوعة  واستراتيجيات بعيدة المدى ويأتي المنفذون وعلى رأسهم الوزراء ليجتهدوا ويعملوا في ضوء الخطط والسياسات الموضوعة  كذلك الحال حين يذهب حزب حاكم ليحل محله حزب آخر نجح في الانتخابات وحصل على أغلبية مقاعد البرلمان فلا ينسف الخلف سياسات السلف وبخاصة في السياسات الداخلية

مناسبة حديثنا هذا ماقاله  رئيس مجلس إدارة غرفة تجارة دمشق غسان القلاع أن الاقتصاد السوري بحاجة إلى وضعه على خط اقتصادي واضح المعالم وغير قابل للتأثر بمزاجية الوزير كلما تغير، بحيث تكون سكة الاقتصاد السوري تسير بشكل متواز مع سكة السياسة النقدية لإيجاد التوازن بينهما، وهو الأمر المفقود حتى الآن نتيجة أن كل وزير يأتي يشطب ما كان قد سبقه ويأتي بجديد.

والحق أن الاستاذ قلاع مصيب تماماً فيما قاله فليس لدينا حتى الساعة خط اقتصادي واضح المعالم وحتى حين جاء النائب الاقتصادي الأستاذ عبد الله الدردري بنهج اقتصادي محدد وملتزم ومع شديد الأسف ازداد الأغنياء غنى وازداد الفقراء فقراً لكن هذا النهج تعثر أيضاً لعدة أسباب أهمها أنه لم يأتي لصالح الغالبية العظمى من أبناء الشعب ولكون لم يكن متناغماً مع السياسات النقدية المتبعة انذاك والنقطة الأهم أن الفريق الاقتصادي نفسة كان كل واحد فية يغني على ليلاه  وربما له مرجعياته الخاصة فجاءت النتائج كارثية على الشعب

الآن ونحن مانزال نعاني من أزمة عبثت بكل مقدراتنا وركائز سياساتنا الاقتصادية والنقدية هذا إن وجدت فنحن بامس ما نكون الآن لسياسات اقتصادية ونقدية تراعى فيها الظروف التي نمر بها ولعل أهم مافي الأمر أن نخرج من المزاجية والفردية وأن نخرج من التنظير وأن نلتفت إلى وضع أسس عملية وواقعية لسياسات اقتصادية ونقدية تأخذ بعين الاعتبار وبالمقام الاول الظروف الحياتية والمعيشية القاسية التي يمر بها مواطننا السوري ومعالجة الخلل الكبير بين دخلة ومصروفه فالمسالة لم تعد تحتمل كلاما وتحاليل واجتهادات بمقدار ما هي بحاجة إلى حلول عملية وواقعية تنهض بهؤلاء الذين هبطوا مرغمين إلى ما تحت خط الفقر وهذه من اولى مسؤوليات ليس فقط الحكومة بل كل مواطن شريف تهمه مصلحة وطنه وأبناء شعبه

 

 

Copyright © aldabour.net - All rights reserved 2024