الدبور أكثر من نصف الحقيقة.. وأقل مما نطمح

logo
تاريخ النشر: 2018-04-20  الساعة: 08:59:06
أجمل منك....لا\rياسورية
الدبور

حين أقلعت بنا الطائرة من مطار تورنتو بكندا(وكنت أعتقد بأنها لن تقلع)كانت درجة الحرارة قد بلغت ناقص عشرة درجات مئوية وكان الطقس عاصفا والمطر المفرّز ينهمر,وكنا امضينا شتاءا قاسيا لم تشهده كندا منذ عشرات السنيين,وقد بدأ( الربيع الكندي) منذ شهر تقريبا وقد أبلغني ابني يوم امس قائلا:الله يلعن ابو هاالربيع اللي مليان تلج ومطر وعواصف ولسه امبارح كانت العاصفة الثلجية على اشدها وتسكرت المدارس والطرقات)
,ويبدوأن (الربيع) بكل اشكاله واحواله لم يأت بخير على احد في هذا العالم
------------------------------------------.
كانت محطتنا الاولى في دبي وكنت قد زرت دبي منذ مايزيد على الثلاثين عاما والحق ان دبي أذهلتني وانا الذي عرف وزار اصقاع العالم من جهاته الاربع حق المعرفة.
وقفت مذهولا ومدهوشا مما رأته عيناي ومما لااكاد استطيع تصديقة بأن معجزة حقيقية حدثت هنا.وجدت العالم بأسرة مجسدا وملخصا بأحدث مبانيه وطرقه والياته ومبتكراته,وبأحدث تقنياته وماوصل اليه من علم وتكنولوجيا,
لااعرف مطعما او فندقا او مقهى في شتى أنحاء المعمورة الا وجدت له فرعا او سميا هنا,
كل شئ نظيف ومرتب ومسير بيسر وسهولة وتلقائية, اناس على اختلاف الوانهم واشكالهم ومللهم ونحلهم متواجدون هنا.يعملون او يتسكعون او يمضون اجازاتهم ولكل موال جاء ليغنيه والله أعلم بما يسرون ومايعلنون
قالوا لي بأن ستة عشر مليون سائح قدموا الى دبي العام الفائت وان هناك مليون روسي ومليون هندي وقد لفت انتباهي جمال فريد من نوعه يجمع تناسق ورقيّ وانوثة الغرب مع حلاوة و طلاولة وسحر الشرق فقالوا لي انه جمال قادم من كازاخستان واذربيجان فقلنا ونعم الناس وتبارك الخالق فيما خلق.
الناس في الطرقات والمقاهي والمطاعم واماكن التسوق أكثر بكثير ممن هم يتسوقون فعلا فمعظم المحال فارغة الا من العاملين بها وتواردت الى ذهني ومخيلتي تساؤلات كثيرةحول كثير من الامور التي شاهدتها او تدور من حولي ولم اجد اجابات شافية لها,
لكن بكلمة منصفة أقول: هناك معجزة حقيقية حدثت هنا تدعو للتأمل والتفكر والتبصرواعادة قراءة الكثير من الامور والمفاهيم والمعايير ,والله نسأل ان يديم الاستقرار والامن والامان على الجميع.
----------------------------------------------------
محطتي الاخرى كانت في بيروت ولبيروت في نفسي عشق قديم,ففي اواسط السبعينات من القرن الماضي كان حلمي ان اعيش واتقاعد وامضي بقية عمري هناك ولقد تبخر الحلم رويدا رويدا ولم تعد بيروت كما اعرفها فلقد أنكرتني بيروت وأنكرتها وتلاقينا لقاء الغرباء ومضى كل الى غايته وحزنت جدا على هذا الفراق الذي اعتقد ان لاعودة عنه
-------------------------------------------------
لايمكن للآحد ان يصدق كم كانت فرحتي وفرحة زوجتي بأننا سنركب الطائرة العائدة للخطوط الجوية السورية متجهين من دبي الى مطار دمشق الدولي,كان لدينا احساس بأننا نستعيد بعضا من سوريتنا التي كادت تتسرب من بين أيدينا
كان احساسا صادقا بالانتماء لكل ماهو سوري(طبعا بعض من ربعنا السوريين لم تتغير عاداتهم في الفوضى وعدم احترام الدور والنظام والصعود الى الطائرة حاملين بأيديهم العديد من الحقائب والاكياس حتى ضاقت الطائرة بمارحبت,لكن ذلك لم يزعجنا فقد كان جزءا من فلكلورنا السوري والذي اعتدنا عليه ونسيناه ونحن في الغربة)
سررت جدا كذلك من الاجراءات الميّسرة في المطار ولم يصادفنا في طريقنا من المطار الى منزلنا سوى حاجز واحد وحين طلب منا الشاب الذي يقف عند هذا الحاجز ان انزل لافتح له احدى الحقائب نزلت وربما وجدني شخصا كبيرا في السن فقال لي اتفضل رجاع على السيارة ياعم ورجعت وسررت لذلك ايضا
يقول المثل الشامي :الاصيل بيبقى اصيل ولو نام ع الحصير, وهكذا وجدت دمشق,رغم الفوضى والتزمير وانعدام النظافه والتخاطب باصوات عالية والفقر الذي تبدو اثاره على كل شئ من البشر الى الشجر والحجر تحس بالاصالة تحس انك امام اللوحة الاصلية رغم مااعتراها من قلة اهتمام. تحس بانك امام بشر حقيقيين واشجار طبيعية و مناخ طبيعي,تدخل في تفاصيل وتضاعيف اللوحة التي تجري امامك من صراخ وضجيج ومداولات وشجارات وشتائم وتزميروطرق مكسرة وارصفة لم يعد فيها مكان للمشاة وذاك يقسم كذبا ليسوق بضاعتة واخر احتل كامل الرصيف ونصف الشارع ونشر فوقها طاولاته واراكيله, وحاويات قمامة هنا وهناك وبعضهم تعود ان لايضع مخلفاته فيها هكذا هي اللوحة متكاملة مبنى ومعنى 
هذا وغيره كثير يجري بتناغم وتكامل و بشكل طبيعي وعادي وتلقائي رغم الثياب الرثة والسيارات المهترئة والمحال الكحيانة
الناس يغدون ويروحون ويدخنون,الصبايا والشبيبة كل يتزين حسب قدراته وامكاناته وكل يتفنن في نصب شباكه للايقاع الاخر
هل تصدق بأن سبع سنوات عجاف مرت على هذا الشعب الاصيل الصامد كزهور البيلسان وهذه الارض الام المباركة الحنون 
استعدت رائحة وطعم الخضرة والفواكه الطبيعية حيث لاطعم ولارائحة لكل شئ هناك في الغربة رغم اختلاف الالوان وتناسق الاشكال والاحجام
للهواء والماء والشجر والحجر طعم ورائحة الحياة هنا,وهنا ايضا تحس بنبض الاشياء وتفهم لغة الطيور والزهور والحشائش والمطر
لااحد يحكي لك هنا عن التاريخ فالتاريخ يحكي عن نفسه بنفسه ولاحاجة لان يبرهن لك احد عن اصالته وانتمائه ولا ضرورة للمستندات والوثائق فكل مئذنة وجرس كنيسة وكل زاروب وكل حمامة من حمائم الجامع الاموي الكبير بألف وثيقة ومستند.

انها الشام والشام لاتعني دمشق انها سورية الحبيبة ولااجمل منك ياسوريتنا

 

 

عدد التعليقات : 0 عدد القراءات : 1684

هل ترغب في التعليق على الموضوع ؟
الاسم الكامل : *
البريد الالكتروني :
عنوان التعليق : *
التعليق : *

اكتب الرقم : *
 

 

لسعات منوعة

نضعها أمانة في أعناقكم وليس شكوى
هل من المعقول مكتب دفن الموتى بلا سيارات!!
اقرأ المزيد
الباعة الجوالين يفرضون تسعيرة جديدة أمام أفران دمشق ولافرق بين مدعوم وغير مدعوم
جيوبهم تتآكل وكل مافي جعبتهم بضع قروش لا تسد رمق أبنائهم الغلاء يصل لأقصى حدوده
اقرأ المزيد
في شكوى وردت لجريدة الدبور
#برسم المعنيين #برسم مدير معمل الغاز سادكوب
اقرأ المزيد
لماذا؟
براد بردى أغلى بـ 44% من براد حديث بثلاثة أبواب لدى شركة صينية شهيرة انتقد رجل الأعمال المقيم في الصين فيصل العطري، البرادات الجديدة التي طرحتها “شركة بردى” الحكومية،
اقرأ المزيد