الرئيسية » دبوريات

غسان القلاع رئيس اتحاد غرف التجارة السورية رجل بشهادة من يعرفه ومن لايعرفه رجل مستقيم ونزيه ومنصف وخير من مثّل التجار ودافع عن حقوقهم دون ان يغمض من حقوق الاخرين وهو صاحب الجملة التي عنونّا بها هذا المقال

ولايخفى على الجميع من هم المقصودون بالشباب بدءا من موظفي المالية والتموين والصحة والبلديات والمحافظة واللي ببالكم والى اخر القائمة والتي هي مع مزيد من الاسف تزداد طولا بدل من ان تقصر

ونود ان نوضح هنا اننا لسنا على الاطلاق في معرض الدفاع عن المتهربين من دفع مايترتب عليهم من ضرائب ورسوم للدولة او المتجاوزين والمخالفين للأنظمة والقوانين والذين يقولون لموظفيهم(شوفوا الشباب) ليمرروا ويغطو على مخالفاتهم وتجاوزاتهم,وانما نقصد تماما ماقصده الاستاذ القلاع وهو ان عليك ان تدفع المعلوم لموظفي الدولة حتى لو لم تكن متهربا او مخالفا

المفجع والمفزع في مسالة الفساد ان يصبح القاعدة والنزاهة والاستقامة هي الاستثناء وان يصبح هو الثقافة السائدة وهو المناخ العام وعندها تقع الطامة الكبرى ويصبح اول مايفكر به المواطن سواء كان غنيا ام فقيرا تاجرا ام موظفا منتجا ام مستهلكا مدرسا ام طالبا طبيبا ام مريضا هو الخروج من تحت مظلة الانظمة والقوانين والاجتهاد وبذل الجهد الى الاحتيال والتحايل والرشوة للوصول حتى الى حقوقه المشروعة

الفساد افة العصر وهو ينمو ويستشري في الظروف الاستثنائية وهل هناك ظرف اكثر استثنائية مما مرت به بلادنا خلال السنوات السبع الماضية

لقد نزل الى الساحة تجار لاعلاقة لهم بالتجار كما وصفهم ذات مرة السيد القلاع ولقد برز في الساحة اثرياء ازمة واثرياء حرب واثرياء دم استفادوا من هذه الظروف الاستثنائية وليراكموا ثروات خيالية وليشيعوا ان لاثقافة سائدة الا ثقافة النصب والاستغلال والرشوة هذه والحق انه لم يسقط الجميع في هذا المطب فمازال هناك الكثير من الشرفاء والمخلصين والمحبين لوطنهم مؤمنون (أن الباطل كان زهوقا) وانه بنهاية المطاف لايصح الا الصحيح

لكن يجب التحذير والانتباه هنا الى ان الفساد قادر على ان يغير جلده ويطور اساليبه ويتكيف مع الظروف والمتغيرات ويلبس لبوسا ملائما لظروف المرحلة ومعطياتها فيستنبط اشكالا والوانا جديدة بل يمكننا القول انه يعيد هيكلة نفسه وبعبارة ادق يعيد انتاج نفسه ليظهر بحلل جديدة ظاهرها المصلحة والحرص على بناء الوطن واعادة اعماره وباطنها الابقاء على استمراريته وتجديد منابعه وتحصين دفاعاته

المسألة هنا ليست مسألة بضعة اشخاص فاسدين بل المسالة اكبر واوسع واخطر بكثير من ذلك

المسالة ان على الدولة اولا والشعب ثانيا ان يقاوما ثقافة الفساد هذه ويحولا دون ان تصبح هي الثقافة السائدة ,ودور الدولة أجلّ واعظم من دور الافراد هنا فما يؤخذ بسيف السلطان لايؤخذ بسيف القران كما يقال وتجارب الدول التي نجحت في مكافحة افة الفساد والحد من انتشارة ماثلة للعيان ويمكن الاقتداء بها وبخاصة اننا على ابواب معركة لاتقل في اعبائها وصعوباتها عن المراحل السابقة وهي مرحلة اعادة الاعمار والبناء